الاحتفال بعيد ميلاد المسيح
للشيخ الفاضل محمد علي فركوس -حفظه الله-
السؤال: ما رأي الإسلام فيما يعرف الآن باسم: (Bonne Année)؟ أجيبونا مأجورين.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فيجدر التنبيه أولا إلى أنّه ليس للإسلام رأي في المسائل الفقهية والعقائدية على ما جاء في سؤالكم كشأن المذاهب والفرق وإنّما له حكم
شرعي يتجلى في دليله وأمارته. ثمّ اعلم أنّ كلّ عمل يُراد به التقرب إلى
الله تعالى ينبغي أن يكون وفق شرعه وعلى نحو ما أدّاه نبيه صلى الله عليه
وآله وسلم مراعيا في ذلك الكمية والكيفية والمكان والزمان المعينين شرعا،
فإن لم يهتد بذلك فتحصل المحدثات التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه
وآله وسلم في قوله: "وإياكم ومحدثات الأمور فإنّ كلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة
ضلالة وكلّ ضلالة في النار"(۱) وقد قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾[الحشر:7]، وقوله تعالى:
﴿فَلْيَحْذَر الذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ
فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[النور:63].
ومولد المسيح لا يختلف في حكمه عن الاحتفال
بالمولد النبوي إذ هو في عرف النّاس لم يكن موجودا على العهد النبوي ولا
في عهد أصحابه وأهل القرون المفضلة، وإنّ كلّ ما لم يكن على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأصحابه دينا لم يكن اليوم دينا على ما أشار إليه مالك
رحمه الله وقال: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنّ محمدا
صلى الله عليه وسلم قد خان الرسالة، وذلك لأن الله تعالى قال: ﴿اليَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ
لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾ [المائدة:3]. فضلا عن أنّ مثل هذه الأعمال هي
من سنن النّصارى من أهل الكتاب الذين حذّرنا الشرع من اتباعهم بالنصوص
الآمرة بمخالفتهم وعدم التشبه بهم، لذلك ينبغي الاعتصام بالكتاب والسنة
اعتقادا وعلما وعملا، لأنّه السبيل الوحيد للتخلص من البدع وآثارها السيئة.
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّـد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
الجزائر في: 24 شعبان 1416ﻫ
الموافق لـ: 15 يناير 1996م
-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
۱-
أخرجه أبو داود في السنة(4609)، وأحمد(17608)، والدارمي(96)، من حديث
العرباض بن سارية رضي الله عنه، وصححه الألباني في صحيح الجامع(2549)،
والسلسلة الصحيحة(6/526) رقم(2735).