محبة المدينة عضو مشارك
عدد الرسائل : 67 العمر : 38 العمل/الترفيه : خياطة نقاط : 6151 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: مقالة للشيخ الإمام البشير الإبراهيمي أصلح نظام لتسيير العالم الإنساني اليوم هو الإسلام السبت 9 أكتوبر 2010 - 20:13 | |
| @font-face { font-family: "Cambria Math";}@font-face { font-family: "Simplified Arabic";}@font-face { font-family: "QCF_BSML";}@font-face { font-family: "Traditional Arabic";}@font-face { font-family: "AGA Arabesque";}p.MsoNormal, li.MsoNormal, div.MsoNormal { margin: 0cm 0cm 0.0001pt; text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; font-size: 12pt; font-family: "Times New Roman","serif"; }.MsoChpDefault { }.MsoPapDefault { margin-bottom: 10pt; line-height: 115%; }div.Section1 { page: Section1; } الحمد لله الذي جَعل الإسلام دستوراً للحياة، ينظم علاقةالفرد بربه وبالآخرين، فتستقيم آخرته ودنياه، ويفوز بذلك بالدارين؛ وينطبق عليه قوله سبحانه وتعالى: (فَآَتَاهُمُاللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّالْمُحْسِنِينَ) آل عمران: ١٤٨؛ وفي حقيقة الأمر ما الدنيا إلاّسفينة وزاد نتزود بها إلى الآخرة، والبصير بها يجعلها وسيلة، لا غاية في الحياة،وأما الأعمى يجعلها مبتغاه وغروره، قال سبحانه: (وَمَاالْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) آل عمران: ١٨٥ ؛ فالله الله على قوم يتفانَوْن في هذه الدنيا ويتخذونها حزماًوعزماً وإخلاصاًًًًً يبتغون منها عرضاًَََ قليلاًًً، متناسين قوله تعالى: (مَتَاعُالدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَفَتِيلًا ) النساء: ٧٧ ويتخذون بجهلهم دينهملهواً ولعباً، متجاهلين قوله تعالى: (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوادِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) الأنعام: ٧٠، فعكسوا بجهلهم قوله تعالى: (وَمَاالْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌلِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ )الأنعام: ٣٢، ولهذا الأمر وغيره قد يجعل البّشر الدّنيا أكبر عائق يصدهم عن آخرتهم، فجاءالإسلام يرشدنا إلى طريق الهداية لمن استرشّد به، فكان أصلح نظام لتسيير العالمالإنساني هو الإسلام. وبهذا العنوان الذي جعله الإمامالبشير الإبراهيمي عنوان محاضرته التي ألقاها بباكستان في ماي سنة 1952م كشف فيها بعبرات وجيزة، ومعاني غزيرة،وألفاظٍِ دقيقة، عن محاسن هذا النظام الإسلامي، الذي لا مثيل له في أنظمة العالم،الخارجة عن نظامه، كما كشف عن رؤية الغرب للمسلمين، في اتهامهم بالقصور والجهلوعدم النظام، متجاهلين في ذلك بُعد المسلمين عن نظامهم، الذي هم أنفسهم سرقوا منهما ينظم حياتهم، وصَّدَرُوا للمسلمين ما يُعَكِر حيَاتهم، ولكن العدل والحق مخمورفي بحر التاريخ، والحقيقة واليقين يعرفها أُلوا الإيمان والعلم؛ ويا ليث من جهلاسترشد بمن علم، وجعل نصب عَيّْنَّيْهِ قوله تعالى: (يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِيأَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا) مريم: ٤٣،ولا أبالغ حينما نقول أنا هذه المقالة، نحن أحوج إليهافي عصرنا الحالي، الذي تعقدت فيه أحوال العالم، وساءت فيه أحوال المجتمعات، وزادتفيه رقعة الظلم والفقر والأمراض... ناهيك عن ضياع الأخلاق وانحلال الفساد، وأصبحكل مشين صالح باسم التقدم والتحرر والتطوروما أكثر مصطلحات التغرير، في عالم انقلبت فيه الحقائق إلى دسائس يكيدها أعداءالإسلام، ليخرجوهم من نور الإسلام إلى ظلمة الكفر والعصيان؛ فمتى يرجع المسلمونإلى عزهم ومجدهم وكرامتهم، إلى عدالتهم وإحسانهم ويقظتهم، إلى قوتهم وعدلهموسبيلهم في ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلم: "تركتفيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله و سنتي و لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض" رواه مالك بلاغاوالحاكم موصلا بإسناد حسن.نص المقالة:قال الإمام البشير الإبراهيمي-رحمه الله-: "وقد يبدو هذا العنوان مدهشاًوغريباً، لتأثّرات مختلفة، في كثير من النفوس المختلفة، ولشيء من السخرية منالنفوس الساخرة.أما الدهشة فإنّ صاحبها معذور مهما كان، وأما الغرابةفكل وارد جديد على السمع أو على الذهن يُسْتَغرَب، ولكنه إذا تكرّر وكثر تردادهأصبح مأنوساًَ، وأما السخرية فلا تأتي هنا إلاّ من رجلين: رجل انطوت نفسه على بغضللإسلام وحقد على بنيه، واحتقار لتعاليمه، ورجل لم يفهم الإسلام إلاّ من حالةالمسلمين اليوم، ولم يعلم أن بين حقائق الإسلام وبين حالة المسلمين اليوم بُعدَالمشرقين، والذي في العنوان إنما هو الإسلام لا المسلمون.العناوين لا ذنب لها دوالّ على ما وراءها، فاسمعوا ماوراء هذا العنوان، ثم ليندهش المندهشون إن لم يقتنعوا، وليسخر الساخرون إن شاءوا.تولّى الإسلام في أوّل مراحله قيادة العالم الإنسانيالعامر للأقاليم المعتدلة، فقاده إلى السعادة والخير بأصلين من أصوله وهما القوةوالرحمة، وبوسيلتين من وسائله في القيادة وهما العدل والإحسان، وبأحكامه المحققةلحكمة الله في عمارة هذا الكون1. والقوة والرحمة صفتان موجودتان في كل زمان، ولكنهمامتنابذتان لم تجتمعا قط في ماضٍِ ولا حاضر، حتى جاء الإسلام فجمع بينهما وزاوج،وخلط بينهما ومازج، فجاء منهما ما يجيء من التقاء السالب بالموجب في عالمالكهرباء: حرارةٌ وضوءٌ وحركة. وما زال معروفاً عند العقلاء، قريباً من مداركالبسطاء، أنّ القوة وحدها لا خير فيها لأنّها جبرية واستعلاء، وأنّ الرحمة وحدهالا خير فيها لأنّها ضعف وهُوَيْنا، وإن الخير كل الخير في اجتماعهما، ولكن الجمعبينهما ليس من مقدور الإنسان المسخّر للأهواء والعوائد، المنساق للأماني والمطامع،المنجذب إلى مركز الأنانية، فلا تجتمع بينهما على وجه نافع إلاّ قوة سماوية تتجلّىفي نبوّة ووحي وخلافة راشدة وإتّباع صادق مشتق من هذه.ومن حكمة الإسلام العليا أنّه وضع الموازين القسطللمتضادات فإذا هي متآلفة، والمتنافرات إذا تآلفت صلح عليها الكون لأنها سرّ الكون وملاكه، فوضع الحدود لهذهالمتنافرات، وأعطى كل واحدة حقّها، ووجّهها إلى الخير في مدارها الطبيعي، فإذا هيأشياء في الاسم والذات والوظيفة، ولكنها شيء واحد في الغاية والفائدة والأثر،وكلها خير ونفع وصلاح وجمال.وضع الحدود بين المرأة والرجل فائتلفا، وأطفأ بالعدلوالإحسان نار الخلاف بينهما، والخلاف بينهما هو أصل شقاء البشرية، ولا يتم إصلاحفي المجتمع ما دام الخلاف قائماً بين الجنسين2.وما زالت الجمعيات البشرية من الرجال مختلفة النظر إلىالمرأة، فبعضهم يرفعها إلى أعلى من مكانها فيُسقطها ويسقط معها، ويعطيها أكثر منحقّها ومن مقتضيات طبيعتها فيفسدها ويفسد بها المجتمع، وبعضهم يحُطها عن منزلتهاالإنسانية فيعدّها إمّا بهيمة وإما شيطاناً حتى جاء الإسلام فأقرّها في وضعهاالطبيعي وأنصفها من الفريقين3.كذلك وضع الحدود بين الآباء والأبناء4، وكم أزاغت الشرائع والقوانين الوضعية هذه القضية عن الاعتدال إلى طرفيالإفراط والتفريط5.كذلك وضع الحدود للسادة والعبيد، وللحاكمين والمحكومين،وللأغنياء والفقراء، وللجار وجاره، وللإنسان والحيوان، وللروح والجسم، فألّف بينالسادة والعبيد بقانون الرفق، والترغيب المتناهي في العتق، وألّف بين الحاكمينوالمحكومين بقانون العدل والمساواة6، وبين الأغنياء والفقراء بنظام الزكاة والإحسان، وبين الجيران بوجوبالارتفاق والحماية، حتى اعتبر الجيرة لحمة كلحمة النسب أو أشد ومَحا من المجتمعنظام الطبقات والأجناس والعناصر، فلا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالتقوى7، ولا عزّة للكاثر، ولا تعظّم بالآباء، ولا عصبيةبالقبيلة، ولا تفاضل بالجاه والمال، وجعل لليتيم حرمة تدفع عنه غضاضة اليتم8، ولابن السبيل9 حقاً يحفظه من الضياع وفساد الأخلاق، وللغريب حقاً يُنسيه وحشة الاغتراب،وجعل ميزان التفاضل روحياً لا مادياً، فالغني أخو الفقير بالإسلام، وليس الغنيأخاً للغنيِّ بالمال، وقرّر للحيوان الأعجم حق الرفق والتربيب، وحماه من الإعناتوالتعذيب، وأشركه مع الإنسان في الرحمة، ففي كل ذات كبدٍِ حرَّى أجرٌ، وحلَّ مشكلةالروح والجسم، وعدل ما كان يتخبّط فيه فلاسفة الأمم من أنّ العناية بأحدهما مضيعةللآخر10، فوفَّق بين مطالبالروح والجسم، وحدّد لكلٍّ غذاءه وقِوامَه، فإذا هما متآلفان متعاونان على الخيروالنفع.ساس الإسلام الأرض بقانون السماء، فأشاع إشراقَه فيغسقها، وأدخل نسَقَه في الإحكام على نسَقها، وقيّد الحيوانية العارمة في الإنسانبقيود الأوامر والنواهي الإلهية التي لا خيار معها ولا مراجعة فيها، وبذلك نقلالأمم التي دانت به من حال إلى حال، نقلها من الفوضى إلى النظام، ومن التنابذ إلىالتآخي، ومن الخوف إلى الأمن، ومن الاضطراب إلى الاستقرار، ومن نزعات نفسيةمتباينة إلى نزعة واحدة أقرَّها في الأرض بهم، ونقل الأمم المتبدية إلى حال وسط منالحضارة المتأنية المقتصدة، ونقل الأمم المتحضرة إلى حال من الحضارة العقلية تأخذبالحُجّة، وتمنع من التضخّم والتهافت، ونقل الأمم المؤلهة للملوك والكبراء إلى حالمن عرفان القدر وفهم الكرامة، جعلتهم هم الملوك.قاد الإسلام أهله بقانونه السماوي الشامل لأنواعالتدابير المحيطة بمصالح البشر من حرب وسلم11، وخوف وأمن، وسياسة وإدارة، وقضاء في الأموال والدماءوالجنايات، وفي بناء الأسرة.قاد بهذا القانون أعقل سكّان الأرض إذ ذاك في أعمربقاعها، فما شكا أحد ظلماً ولا هضماً12، فإن وقع شيء من ذلك فهو من حاكم حادَ عن صراطهِ، أو شخص أخلَّبأشراطه، وقد أخذت الأمم الخارجية منه كثيراً من قوانينه العادلة في فتراتاحتكامهم بالمسلمين محاربين أو معاهدين في الشام والأندلس وإفريقية13، كما أخذوا كثيراً من العادات الصالحة في تدبير المعاشوفي الحياة المنزلية، وما زال كثير من تلك الأصول بارز العين أو ظاهر الأثر فيالمدينة الحالية.جاء الإسلام أوّل ما جاء بإصلاح الأسرة14 وبنائها على الحب والبرّ والطاعة: الحبّ المتبادل بينأفراد الأسرة، والبرّ من الأبناء للآباء، والطاعة في المعروف من الزوجة للزوج،وحاط ذلك كله بأحكام واجبة وتربية تكفل تلك الأحكام، وتجعل تنفيذها صادرًا من نفسالإنسان، والرقابة عليها من ضميره، فلا تحتاج إلى وازع خارجي، وجعل تقوى اللهوالخوف منه حارسين على النفس والضمير، فكلّما همّ الإنسان بالزيغ تنبّهاه إلى لزومالجادّة.وإن يقظة الضمير15 الذي سمّاه النبي-عليه الصلاة والسلام- وازع الله في نفس المؤمن، ومراقبتهلأعمال صاحبه لَهيَ أعلى وأسمى ما جاء به الإسلام من أصول التربية النفسية، وهيأقرب طريق لتعطيل غرائز الشرّ في الإنسان، وفرق عظيم بين من يمنعه من السرقة مثلاًخوف الله، وبين من لا يمنعه منها إلاّ خوف القانون: فالأوّل يعتقد أنه بعين منالله تراقبه من السرّ والعلن، فهو لا يسرق في السرّ ولا في العلن، والثاني لايمنعه من السرقة إلاّ قانون يؤاخذ على الذنب بعد قيام البيّنات عليه، وفي قدرةالإنسان أن يتحاشى كلّ أسباب المؤاخذة الظاهرة، فإذا أمن ذلك قارف الشر مُقدماًغير محجم، فالخوف من الله يَجتَثُّ السرقة وجميع الشرور من النفس حتى لا تخطر علىبال المؤمن الصادق، وبذلك يأمن النّاس على أعراضهم ودمائهم وأموالهم، أما الخوف منالقانون فربّما زاد الناس ضراوة بالشرّ بما يتفنّنون فيه من الحِيَّل التي تجعلهمفي مأمن من مؤاخذة القانون، فكأنَّ هذه القوانين الأرضية تقول للناس: لا سبيل ليعليكم ما دمتم مستترين منّي، غائبين عن عيني، ولذلك فهي لا تمنع الفساد في الأرضبل تزيده تمكّناً فيها، وانتشار الشرور في هذا العصر أصدق شاهد على ذلك.نقول ونعيد القول بأن أصلح نظام لقيادة العالم الإنسانيهو الإسلام، ولا نلتفت لسخر الساخر، ولا نأبه لدهشة المندهش، ونأتي بالحجّة علىلون آخر، وهو أن الإسلام عقائد وعبادات وأحكام وآداب، وكل هذه الأجزاء رامية إلىغرض واحد، وهو إصلاح نفس الفرد الذي هو أصلح لإصلاح النفسية الاجتماعية، فعقائدالإسلام مبنية على التوحيد، والتوحيد أقرب لإدراك العقل الإنساني من التعدد، وأدعىلاطمئنانه وارتكازه وتسليمه، والعقل إذا اطمأن من هذه الجهة انصرف إلى أداء وظيفتهمجموعاً غير مشتّت.والعبادات غذاء وتنمية لذلك التوحيد وعون تزكية النفسوتصفيتها من الكدورات الحيوانية، والأحكام -ومنها الحدود- ضمان للحقوق، وحسمللشرور، وزجر للثاني أن يتّبع الأوّل، ومَن تأمل القواعد التي بُنيت عليها أحكامالمعاملات في الإسلام علم ما علمناه، وهي: لا ضَرَرَ ولا ضِرَار، الضرورات تُبيحالمحظورات، ما أبيح للضرورة يُقدر بقدرها، درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة،الحدود زواجر وجوابر، القصاص حياة.والآداب تزرع المحبّة بين الناس، وترقق العواطف، فتقويعاطفة الخير والتسامح والإيثار والكرم والشجاعة والصبر، وتضعف عاطفة الشر والتشدّدوالأثرة والبخل والجبن والجزع.العالم اليوم في احتراب وحبله في اضطراب، وقد ملكتِْعليه المادة أمره، وقد جفّت الروحانية فيه فضؤلتْ، فلم يبق لها سلطانها الآمرالناهي، وانطمست فيه البصائر الهادية فهو يتخبط في ظلمات، وتجسّمت المطامع الشوهاءفتولت القيادة، وقد جرّ على نفسه في ثلاثة عقود من السنين حربين عاتيتين أهلكتاالحرث والنسل وهو يتحفَّز للثالثة، وقد كان قبل اليوم إذا اختلف اثنان وجد بينهماثالث يدعو إلى الإصلاح أو ينتصر للمظلوم، فما زالت به المطامع وفشوّ الإلحاد،وشيوع الفلسفة المادية، والاغترار بالعقل، حتى أصبح مقسّما إلى كتلتين قويتينعظيمتين متضادتين، تدورُ كل واحدة على مبدإ اتخذته ديناً ودعت الناس إليه، فانضمكل ضعيف إلى واحدة مُكرهاً كطائع، وكلا المبدأين لا رحمة فيه ولا خير، وكلاهماينطوي على شرور، وكلاهما يعتمد على الظفر والناب16....ذلك فيهم نشروا أحكامه وتعاليمه حتى نعم العالم،ويومئذ يشهدون انقلاباً فكرياً يقضي على هذا الجنون الذي ابتُليَ به العالم.والإسلام دين اقتناع، فلا أقول إنه يجب على العالَم أنيصبح مسلماً كاملاً يصلي ويصوم وإنما أقول: إن دواءه ممّا هو فيه هو الإسلام،فليأخذْ أو فليدَعْ.لا يضير الإسلام في حقائقه ومُثله العليا أن لم ينتفع بهأهله في تحسين حالهم، فما ذلك من طبيعته ولا من آثاره فيهم، وإنّما ذاك نتيجةبُعدهم عن هدايته، وهو كدين سماوي محفوظ الأصول يهدي كل من استهداه، وينفع كلمستعدّ للانتفاع به، ولو أنّ أمة وثنية اعتنقته فأخذته بقوة فأقامتْه على حقيقته -منالعقائد إلى الآداب- لسادت به هذه المآت من الملايين من أهله الأقدمين الذينأضاعوا روحه ولبابه، وأخذوا برسومه والنسبة إليه، ولم يزحزحها عن السيادة أنّهاجديدة في الإسلام، كما لا ينفع تلك المآت من الملايين أنّها عريقة في الإسلام.ولا حجّة علينا ببعض الشعوب الإسلامية التي استبدلت القوانينالأوربية بأحكام القرآن، لأنَّ تلك الشعوب ما فعلت ذلك إلاّ بعد أن لم يبق فيها منالإسلام إلاّ اسمه، ومن لم ينتفع بقديمه لم ينتفع بجديد الناس، وأحوال تلك الشعوبالمستبدِلة شاهدة عليها، فهي لم تزدد بهذا الاستبدال إلاّ شقاء وبلاء.وبعد، فلو أنّ علماء الإسلام أحسنوا الدعاية إلىدينهم، وعرفوا كيف يغزون بحقائقه الأذهان، لكان الإسلام اليوم هو الفيصل فيالمشكلة الكبرى التي قسّمت العالم إلى فريقين يختصمون، ولكانوا هم الحكم فيها،ولكنهم غائبون، فلا عجب إذا يُشاوَروا حاضرين، ولم يُنْتَظروا غائبين.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته._______________________1 هذهحقيقة لا ينكرها إلا مكابر أو جاهل.2 انظرشقاق الزوجين لعلي الدبيان.3انظر المرأة ماضيها وحاضرها، منصور الرفاعي عبيد.4 انظر: علاقة الآباء بالأبناءفي الشريعة الإسلامية _دراسة فقهية مقارنة_ لسعاد صالح.5 وهذه الحقيقة يعيشها الكفارفرغم تطورهم في الماديات، إلاّ أنهم يعيشون فوضى في أسرهم، وعلاقتهم الأسرية بشعةلا تحتمل، منزوعة الرحمة والشفقة، وقد تكاد تختفي العلاقة بين الأب وابنه حتى فيحقيقة اسمها؛ وهي أقرب من الحيوانية في بعض الأحيان.6ينظر: تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام للإمام برهان الدين أبي الوفاءإبراهيم ابن الإمام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن فرحون المالكي.7 قال صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس! إنّ ربكم واحد وإنّ أباكم واحد، ألالا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي ولا أحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلابالتقوى }إنّا كرمكم عندالله أتقاكم{، ألا هل بلغت؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال:فليبلغ الشاهد الغائب".ينظر: السلسلة الصحيحة (ج 6 / ص 199) برقم: 2700.8 (وَلَاتَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَأَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًاإِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىوَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) الأنعام: ١٥٢؛ وقولهتعالى: )(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) الضحى: ٩، بل ذمّ من لا يكرم اليتيم فقال سبحانه ( كَلَّابَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ )الفجر: ١٧؛قولهصلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة و أشار بالسبابةوالوسطى وفرّق بينهما قليلا". أخرجه البخاري في "صحيحه"(7/76). و9 (لَيْسَالْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّالْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِوَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىوَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِيالرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْإِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَالْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) البقرة: ١٧٧ ؛ وقوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَمَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِوَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَاتَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) البقرة: ٢١٥ وغيرها من الآيات.10ينظر كلام شيخ الإسلام في مسألة الروح والجسم في رسالته التدمرية.11ينظر: بحث نظرية الحرب في الإسلام وأثرها في القانون الدولي العام، تأليف: د.ضومفتاح غمق.12ينظر: في ذلك سيرة الخلفاء الراشدين وعدلهم.13 ينظر: أثر العلماء المسلمين في الحضارةالأوروبية، لأحمد الملا.14الأسرة المسلمة للشيخ العثيمين؛ والأسرة في الشرع الإسلامي لعمر فروخ. 15ينظر: أهمية الضمير في القرآن، لهارون يحيى
منقووووووووووووول
. | |
|