أمثلة عن هذه الصيغ:
- قول أنس رضي الله عنه: ( من السنـّة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى). ومثله: قول أنس: (من السنّة إذا تزوّج البكر على الثيّب أقام عندها سبعا) أخرجاه. قال أبو قلابة – الراوي عن أنس- : (لو شئت لقلت إنّ أنسا رفعه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم) معناه لو قلت ذلك لما كذبتُ.
- وقول أنس رضي الله عنه: ( أمِر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة).
- وقول أمّ عطيّة رضي الله عنها: (نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا) متفق عليه، وجاء التصريح عنها في لفظ مسلم: (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا). ومثل ذلك قول ابن عمر: (نهينا عن التكلف).
- إذا قال الصحابيّ : كنا نرى كذا، أو نفعل كذا، أو نقول كذا
فهذه العبارات لا يخلو الحال فيها من أن يضيفها إلى زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم، أو لا يضيفها، ففيها حالتان:
الأولى: إذا أضاف ذلك إلى زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم، كأن يقول: كنا نفعل كذا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم" ونحو هذا، فهذا له حكم الرفع، وهو الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو مذهب الجمهور وقطع به الخطيب البغداديّ والحاكم أبو عبد الله وغيرهما قال ابن الصلاح: (وهو الذي عليه الاعتماد؛ لأنّ ظاهر ذلك مشعر بأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وقررهم عليه، وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة)([11]).
قال الخطيب البغدادي: (قول الصحابيّ: "كنا نقول كذا" و"نفعل كذا " من ألفاظ التكثير ومما يفيد تكرار الفعل والقول واستمرارهم عليه، فمتى أضاف ذلك إلى زمن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على وجه كان يعلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فلا ينكره وجب القضاء به بكونه شرعا، وقام إقراره مقام نطقه بالأمر به، ويبعد فيما كان يتكرر قول الصحابة له وفعلهم إياه على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقوعه ولا يعلم به، ولا يجوز في صفة الصحابيّ ان يعلم إنكارا كان من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم في ذلك ولا يرويه؛ لأنّ الشرع والحجّة في إنكاره لا في فعلهم لما ينكره، وراوي ذلك إنما يحتجّ بمثل هذه الرواية في جعل الفعل شرعا ، ولا يمكن في صفته رواية الفعل الذي ليس بشرع وتركه رواية إنكاره له الذي هو الشرع، فوجب أن يكون المتكرر في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم مع إقراره شرعا ثابتا لما قلناه)([12]).
مثال: قول عبد الله بن عمر: (كان الرجال والنساء يتوضأون في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم جميعا) البخاريّ.
مثال آخر: قول أنس رضي الله عنه: -كنّا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب، قيل: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما ؟ قال: كان يرانا نصليهما، فلم يأمرنا ولم ينهنا) مسلم.
الثانية: إذا لم يضف الصحابيّ قوله ذلك إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فالجمهور على أنه موقوف، قال ابن الصلاح: (إن لم يضفه إلى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من قبيل الموقوف) لكن الذي رجحه الحاكم والرازي والآمدي والنووي والعراقي وابن حجر وغيرهم أنه من قبيل المرفوع. قال النووي: وهو قوي من حيث المعنى([13]).
قال الخطيب البغداديّ: (ومتى جاءت رواية عن الصحابة بأنهم كانوا يقولون أو يفعلون شيئا، ولم يكن في الرواية ما يقتضي إضافة وقوع ذلك إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لم يكن حجّة، فلا دلالة على أنه حقّ إلا أن يعلم جواز ذلك من جهة الاجتهاد فيحكم به، وإن علم أنه مذهب لجميع الأئمّة وجب القطع على أنه شرع ثابت يحرم مخالفته، ويجب المصير إليه)([14]).
مثال ذلك: ما رواه البخاريّ من قول جابر رضي الله عنه: (كنا إذا صعدنا كبّرنا، وإذا هبطنا سبّحنا).
- إذا قيل بعد ذكر الصحابيّ: يرفع الحديث، أو رفعه، أو يرفعه، أو مرفوعا، أو يبلغ به، أو رواية، أو ينميه.
كل هذه العبارات تدل على رفع الحديث، قال الخطيب البغدادي: (كل هذه الألفاظ كناية عن رفع الصحابيّ وروايته إياه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، ولا يختلف أهل العلم إن الحكم في هذه الأخبار وفيما صرّح برفعه سواء في وجوب القبول والتزام العمل)([15]). وقال ابن الصلاح: (كلّ ذلك وأمثاله كناية عن رفع الصحابيّ الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحا). وقد صرّح الإمام النووي في تقريبه بنفي الخلاف في ذلك.
أمثلة:
- ما رواه البخاريّ عن ابن عباس قال: (الشفاء في ثلاثة: شربة عسل ، وشرطة محجم، وكيّة نار) رفع الحديث.
- حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به: (الناس تبع لقريش). متفق عليه. وبه عن أبي هريرة رواية: (تقاتلون قوما صغار الأعين). متفق عليه.
- ما رواه مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: ( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) قال أبو حازم: ( لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك).
تنبيــه:
- إذا قال الصحابيّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم يرفعه، فهو في حكم قوله عن الله عزّ وجلّ ، فهو من الأحاديث الإلهيّة، وقد تقدم الكلام عنها.
- إذا قال الراوي عن التابعيّ يرفع الحديث أو يبلغ به فذلك من قبيل المرفوع، لكنه مرفوع مرسل، كذا ذكر ابن الصلاح والنووي وغيرهما.
- أما تفسير الصحابي لآي القرآن، فإن كان مما يتعلّق بأسباب النـزول أو ممّا لا يمكن أن يؤخذ إلا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وليس للرأي فيه مجال، فهو من قبيل المرفوع، لكن الحاكم رحمه الله عدّ تفسير الصحابيّ من قبيل المرفوع مطلقا وعزاه للشيخين، لكن الصحيح أن يحمل ذلك على ما ذكر آنفا.
ومثال ذلك: قول جابر بن عبد الله: (كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله : )نساؤكم حرث لكم ...( الآية.
مظان الحديث الموقوف:
الأخبار الموقوفة نجدها في كتب الحديث المختلفة منها:
Ø صحيح البخاريّ وباقي الكتب الستّة.
Ø المصنفات كمصنف عبد الرزاق الصنعانيّ، ومصنف ابن أبي شيبة.
Ø كتب التفسير كتفسير الطبريّ، وتفسير ابن أبي حاتم وغيرها .