السؤال: ما حكمُ الشرع في بيع التقسيط؟
الجواب: البيعُ بالتقسيط أولاً بدعة عمليّة لم يعرفها المسلمون في كل القرون الماضية، وإنما هو من الأمور التي وفدت إليهم من الكفار الذين كانوا من قبل يحتلون بلادهم، ويستعمرونها، ويحكمونها بقوانينهم الكافرة، ثم لمّا رحلوا عن القسم الأكبر منها خلّفوا آثارهم السيئة فيها، والمسلمون يعيشون اليوم على تلك المعاملات التي طَبَعهُم الكافرَ عليها.
وأمرٌ آخر -وهو الأهم- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال: «ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه»( 1 )، من ذلك أنه نهى عمّا يسمى اليوم بـ «بيع التقسيط»، فهذا البيع بدعة لم يعرفها المسلمون من قبل، وأريد أن أقول -أيضاً-: إنّ هذا الاسم بدعة لا يوجد في كتب الفقه شيء يسمى بيع التقسيط، هناك في كتب المسلمين ما يسمّى بالدَّين، ويسمى بالقرض الحسن الذي أصبح في معاملات المسلمين اسماً بدون جسم لا حقيقة له، مع أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كما حضَّ على القرض الحسن وبالغ فيه إلى درجة أنّه اعتبر قرض دينارين كما لو تصدقت بدينار، أي: إذا أقرضت أخاك المسلم دينارين كأنك أخرجت من جيبك صدقة دينار، كما حضَّ على القرض الحسن نهى عن أخذ الزيادة مقابل الصبر على أخيك المسلم في الوفاء.
قال -صلى الله عليه وسلم-: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا»، وفي آخر: «نهى عن بيعتين في بيعة»، وقد سئل الراوي لهذا الحديث عن معنى هذا النهي؟ وقال: أن تقول أبيعك هذا نقداً بكذا، ونسيئة بكذا وكذا.
أبيعك هذا الجهاز بـ ( 100 ) دينار نقداً، و ( 105 ) تقسيطاً؛ أي: بالدين.
قال -صلى الله عليه وسلم-: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما» أي: أنقصهما، «أو الربا» أي: إذا أخذ زيادة فهو ربا، كمثل هذا الجهاز الذي بعته بـ ( 105 ) خمسة مقابل الصبر.
ولو كان هناك حكم إسلامي عند الأفراد والحكام لكان هذا الشاري المغبون المأخوذ منه ( 5 ) دنانير زيادة مقابل الصبر من التاجر، له الحق أن يستعلي عليه ويشكيه إلى أهل العلم.
فهذا معنى هذا الحديث، المباع واحد ولكن المعروض بيعتان: نقداً بكذا، ونسيئة بكذا، فيسمي الرسول -صلى الله عليه وسلم- الزيادة من أجل النسيئة ربا( 2 ).
___________________
( 1 ) انظر «الصحيحة» ( 1803 ).
( 2 ) وفي «الصحيحة» (50/419-427) تفصيل مطوّل حول بيع التقسيط.