يحب الله أهل الصبر،والله يحب الصابرين، يحب الله المؤمن القوي وهو أحب عنده من المؤمن الضعيف، القوي في علمه، القوي في بدنه، القوي في جهاده، القوي في أمره بالمعروف وفي نهيه عن المنكر، وفيه دعوته إلى سبيل ربه، هذا المؤمن القوي العزيز بدين الله تعالى، فهو صاحب عزيمة وصاحب قوة في الأعمال الصالحة، ويتحمل المشاق، وهو وراغب في العبادات ونشيط فيها.
يحب الله الرفق، دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ ( يعني الموت)، -كان لليهود والمنافقين حيل-، السِلام عليكم (يعني الحجارة)، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَهْلًا يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ)....
وقَالَ لها: (وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ) {صحيح مسلم}.
يتأتى مع الرفق من النتائج ما لا يتأتى مع غيره، فهو سبب كل خير، فمن يحرمه يحرم الخير كله، هذا الرفق موصل للجنة، هذا الرفق يوصل إلى محبة الله تعالى، وهو الرفيق يحب أهل الرفق .
ويحب الله من الصفات والأخلاق الحلم والأناة، كما قَالَ عليه الصلاة والسلام لأشج عَبْدِ الْقَيْسِ: ((إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ)). الحلم : العقل، الأناة : التثبت، والروية وترك العجلة، قال رجلٌ للأحنف وكان متصفاً بالحلم : لإن قلت واحدة لتسمعن عشرة، قال: إن قلت عشرة لن تسمع واحدة.
لا يَبْلُغُ الَمَجْدَ أقوامٌ وإن كَرُمُوا حــتى يَذِلُّوا وإن عَزُّوا لأقوَامِ
وَيُشْتَمُوا فترى الألوانَ مُسْفِرَةً لا صفحَ ذُلٍّ ولكن صفحَ أحلامِ
وهكذا يتنازل الإنسان لأخيه المسلم ويلين بيده ويتواضع له ويذل لإخوانه، وليس لأعداء الله. الله يحب السمح في البيع، السمح في الشراء، السمح في تحصيل الحقوق والاقتضاء، قال عليه الصلاة والسلام : ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ سَمْحَ الْبَيْعِ سَمْحَ الشِّرَاءِ سَمْحَ الْقَضَاءِ))، ولذلك كانوا يتعافون فيما بينهم، يأخذ ما تيسر ويترك ما عسر، جاء رجل إلى أبي سعيد رحمه الله، يشتري منه بغلة، فقال المشتري أما تحط لي شيئا يا أبا سعيد؟
قال : لك خمسون درهما..
قال : أزيدك؟
قال المشتري: لا، رضيت.
قال أبو سعيد: بارك الله لك.
وقال عبد الأعلى السمسار قال الحسن : يا عبد الأعلى أما يبيع أحدكم الثوب لأخيه فينقص درهمين أو ثلاثة ؟ قالوا : لا والله ولا دانق واحد، فقال الحسن: فما بقي من المروءة؟
الله عز وجل يحب الكرم، يحب معاني الأخلاق، ولذلك جاء في الحديث الصحيح ((إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، وَمَعَالِيَ الأَخْلاقِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا)) . يكره الأشياء الدنيئة، يكره الأشياء الرذيلة، يكره الأشياء المنحطة، والنفوس منها ما هو علوّي ومنها ما هو أرضي ترابي .
الله عز وجل يحب إدخال السرور على الناس وعلى المسلمين، طرد جوع عن جائع، رفع ثقل الدين عن كاهل المسلم، قضاء حاجة له، كشف كربة، ((أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس))، يقضي حوائج المسلمين، يستعمل جاهه في الشفاعة الحسنة، يتوسط بالخير، هذا الذي تقضي على يده للناس حاجات من أحب الناس إلى الله .
الله عز وجل يحب الغيرة، لكن أين ؟ قال عليه الصلاة والسلام : ((إِنَّ مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ )) إذا وجدت قرائن، أسباب للشك، بوادر شر، علامات سوء، لا بد أن يكون لك موقف يا رب الأسرة، يا ولي المرأة، يا أب البنت، يا أخ الأخت، يا زوج الزوجة ،(( وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ (الوسواس) )) .
هناك يا عباد الله أُمور لما فقدها المسلمون تراجعوا حتى في الدنيا منها الإتقان في العمل، يحب الله الإتقان، الإحكام، إنهاء هذه الأشياء والقضايا والمعاملات والمسائل بطريقة متقنة، ((إنّ اللَّه يُحِبُّ إذَا عَمِل أَحَدُكُم عملاً أن يُتْقِنَه))، أن يحكمه، أن يحسنه، لقصد نفع الخلق، فيكون هذا المنتج جيداً يعيش طويلاً، وينفع من اشتراه، بخلاف المغشوش والمستعجل فيه...
إذا ما الجرح رمّ على فساد تبين فيه تفريط الطبيب
بخلاف تنظيفه، وتعقيمه، وتضميده، عمليات جراحية، إتقان في كل شيء، بالإضافة إلى إتقان الصلاة وإتقان الصيام وإتقان العبادات وإتقان القراءة ومخارج الحروف، ومعرفة الوقوف، هذا اسمه التجويد، هذا ترتيل كتاب الله كما أنزله .